- قرأنا منذ ساعات .. بوست من المهندس الاسلامى التوجه فاضل سليمان عن دفع الشبهات عن الحجاب .. والتأكيد على فرضيته .. فقررنا .. دعما منا للنقاش.. ان نبحث عن مناظر للمهندس فاضل سليمان .. يمتلك القدرة على الرد بالدليل الدينى والعقلى.. ويتبنى الرأى العكسى.. بأن الحجاب ليس بفريضة.
لم نجد افضل من د. حازم مجدى ابراهيم مؤلف كتاب “الحقيقة الكاملة عن حجاب المرأة المسلمة” والذى يبحث فيه الكاتب مدفوعا بالرغبة الشخصية فى التحقق والمعرفة .. فى ادلة الحجاب .. من مداخل المنطق واللغة والتاريخ والنص القرانى والاحاديث وسندها حتى يصل فى نهاية الكتاب الممتع الى تكوين وجهة نظره التى يتبناها
طلبنا من د. حازم ان يكتب ردا يكون نواة لما نرجو ان يكون نقاشا مفيدا لقطاع واسع من الباحثات عن الحقيقة فى قضية الحجاب.
واليكم نص الرد الذى ارسله الينا د. حازم.
=================================
عزيزي فاضل سليمان ،،
لم اتعود ان ارد على رجال الدين .. لكن كلامك عن الحجاب وتركيزك المستمر على ظاهرة خلع الحجاب جعلني اعزم على الرد عليك خصوصا ان لي باعا في قضية الحجاب .. صحيح اني الفت كتابا حول هذا الموضوع وصحيح انه لم ينشر – ولن ينشر – طالما هناك كهنوت جاثم على صدور العباد تحركه مصالح اقتصادية وارادة سياسية .. لكني استطيع ان ادلى بدلوي الآن وباختصار شديد في هذا الموضوع …
اولا احب ان احييك واعبر لك عن اعجابي باسلوبك اللبق العاطفي الأخاذ لألباب و قلوب الجماهير – خصوصا من الفتيات – وببراعتك في توظيف المغالطات المنطقية لخدمة غرضك الذي تراه نبيلا .. او هكذا اظن
اول هذه المغالطات هو ما يسمى – وانت ادرى مني بذلك طبعا – مهاجمة رجل من القش ،، فقد ذكرت في مجمل كلامك عدة نقاط صحيحة وشبه صحيحة لكنها ليست مربط الفرس وليست المطلوب اثباته ولا نفيه ثم دسست بينها نقطة وحيدة خاطئة تماما ولم تستفض في طرحها مع انها الاهم والاخطر والحاسمة للقضية تماما وهي نقطة آية الخمار بالقرآن الكريم ..
لحسن الحظ – حظنا نحن طبعا – فأن الأوان لم يفت ، وما فاتك – أو فته انت عمدا – يمكننا العودة من وراءك ولملمته واعادة طرحه امام اعين الجمهور .. ولنر أينا اقوى حجة و اثبت برهانا
تقول سيدي:
أولا : انه لا يوجد في كتب الفقه شيء اسمه باب الحجاب – وهو اعتراف حميد بلا شك يدخل في جملة ” القش ” الذي لا اود أنا ولا انت مهاجمته الآن – ولكن يوجد باب اسمه باب العورة ..
واحب ان اجيبك سيدي بأن معظم أمهات كتب الفقه بل وما بعدها من كتب تلامذة الائمة وكتبتهم ليس بها ما يسمى بباب العورة .. توجد فقط ” عورة الصلاة ” أما أن يخصص بابا كاملا في احدى كتب الفقه للحديث عن العورة الاجتماعية او اللباس الاجتماعي العام خارج نطاق العبادة كالصلاة او الحج فهو أمرا ليس بالشائع ابدا .. ربما وجد ذلك – استثناء – في هذا الكتاب او ذاك وان كنت حقا لا استطيع ان اجزم بحدوث ذلك ابدا ..
واختلاف لباس الصلاة او الحج وعورتهما عن اللباس العام الذي نظهر به امام الناس شيء سهل الاثبات .. فالحج له لباسه الخاص وهو ان يكون غير مخيط واللباس المخيط جائز في غير الحج .. والنقاب يمنع في الحج وهو جائز من وجهة نظر العديد من الفقهاء في غير الحج وربما رفعه بعضهم لمرتبة الواجب ايضا
والرجل لا يجوز له ان يصلي حاسر البطن والظهر عند الظاهرية والحنابلة وهو جائز في الحياة الاجتماعية العامة ..
اذن فلكل مقام مقال ولا يجب الخلط بين عورة الصلاة ضمن الحديث عن شروط صحة الصلاة في كتب الفقه وبين العورة بالمفهوم الاجتماعي العام
ثانيا : وهي النقطة الاهم ومربط الفرس .. هل الحجاب فرض ؟
هل توجد آية قرآنية تأمر بتغطية شعر المرأة ؟
بداية ، ما ذكرته سيادتك انما هو جزء مقتطع من الآية وليس الآية كاملة ،، وهو شيء على كل حال مقبول في سياق حديث عامي وعظي من داعية مشهور لفتيات حائرات لا خبرة لهن بالفقه و دروبه والتفسير و عوالمه
اما هنا فدعنا ندخل سويا ساحة اللغة و ساحة التفسير بل و ساحة الفقه أيضا
الآية كاملة تقول :
{ وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } النور ٣١
سيادتك تخبرنا بأن الله يأمر النساء المؤمنات بتغطية ” الجيب ” أي فتحة الصدر وأن الوسيلة الحصرية لهذه التغطية هي الخمار وهو ما يفيد – حسب ما تقول – وجوب تغطية الشعر ايضا
هذا القول الذي تقول هو قول مليء بالمغالطات اللغوية والتفسيرية والفقهية وسوف ابين ذلك في اربعة نقاط :
النقطة الاولى :
للخمار في اللغة العربية معنيان : معنى أصيل ومعنى شائع الاستخدام ..
أما المعنى الأصيل فهو الغطاء والساتر .. أي غطاء وأي ساتر .. وقد شاع عند العرب تسمية غطاء شعر المرأة بالخمار تماما كما يسمون غطاء شعر الرجل بالعمامة
وقد ورد في معجم الغني معنى كلمة خمار : ثوب تضعه المرأة على رأسها ” أو ” كتفها
ولاحظ حرف العطف “أو” وليس “و ” .. اي القماشة او ” الشال ” الذي يوضع على الكتف فهو خمار ايضا
وجميع المعاجم تقريبا مثل لسان العرب والوسيط ذكرت المعنيان معا فتجدها تذكر المعنى الاصيل اولا ان الخمار هو الغطاء ثم تستطرد : وخمار المرأة غطاء رأسها
اذن فكلمة خمار يمكن ان يكون مقصودا بها الغطاء بصفة عامة وليس بالضرورة غطاء الرأس
النقطة الثانية :
دعنا نفترض صحة كلامك وان المقصود في الاية غطاء الرأس حصريا
تمزح مداعبا وتقول : التغطية حصريا بالخمار وليس ب ” شراب “
وقد سعدت فعلا بدعابتك لأنها جاءت في محلها تماما وتخدم المعنى الذي اود توضيحه
هل فكرت يوما في ان الجورب ” الشراب ” يظل اسمه جوربا حتى اذا خلعناه من اقدامنا ؟ فلا يكون شيئا اخر .. لا يكون قلما او عصا او منضدة او طبقا بل يظل جوربا حتى اذا استخدمناه اي استخدام آخر
كذلك الخمار ، حتى بمعنى غطاء الرأس ، فهو يظل خمار سواء استخدمناه لتغطية الصدر او الشعر او الاناء او الطعام ..
الدليل على كلامي حديث انس عن ام سليم فيما رواه البخاري ومسلم انها ” اخرجت اقراصا من شعير ثم اخرجت ” خمارا ” لها فلفت الخبز ببعضه “
فسمي خمارا حتى مع استخدامه في تغطية الاناء لا الشعر !!
وفي الحديث ” خمروا آنيتكم ” أي غطوا اواني الطعام ولا تتركوها مكشوفة
اذن فقل لي يا سيدي :
ما حكم من تخلع خمارها ” غطاء رأسها ” ثم تغطي به جيبها ” فتحة الصدر ” وتترك شعرها مكشوفا ؟
هل خالفت نص الاية ام التزمت به ” حرفيا” ؟
هل الله عندما يريد ان يفرض علينا شيئا يفرضه علينا صريحا ملزما واضحا لا لبس في معناه ام يتركنا في حيرة وتخبط وقيل وقال ؟ كيف تكون الحجة وكيف يكون الحساب اذن ؟
يقول الامام الشاطبي في كتاب الموافقات :
” ان المقصود الشرعي من الخطاب الوارد على المكلفين تفهيم ما لهم وما عليهم مما هو مصلحة لهم في دنياهم واخراهم ، وهذا يستلزم كونه بيّنا واضحا لا اجمال فيه ولا اشتباه “
اي ان الفائدة من التكليف الالهي لا تتحقق اذا كان فيه اجمال او اشتباه او عدم بيان
ايضا وما زلنا نفترض صحة ما تقول وان الخمار هو غطاء الرأس حصريا :
هل سالت نفسك سيدي يوما متى يكتسب الشيء اسمه ..
هل اذا قام بجزء من وظيفته ؟
ام بوظيفته كاملة ؟
هل الخمار يلزمه كي يطلق عليه خمارا تغطية جزء من الشعر ام الشعر كاملا ؟
تقول كتب التفسير والمرويات التاريخية أن نساء الجاهلية كن يغطين شعورهن جزئيا بالخمار و يتركن اطراف الشعر مكشوفة وهي ما تعرف بالذؤبة اي ما يعرف الآن بقُصة الشعر او اطرافه او ضفيرته المنسدلة خلف الظهر وهو ما رواه ابن كثير في ذكره لسبب نزول اية الخمار التي نتحدث عنها انهن كن كاشفات لذؤوابهن .. كذلك فان عمامة الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطلق عليها عمامة حتى وان لم تغط شعره الا جزئيا كما يروي الطبري وان جدائل شعره ” ضفائره ” كانت تبدو من جانبي العمامة
ما فاتك سيد فاضل سليمان أن القاعدة الاصولية تقول:
” كل ما زاد عن الحد الادنى للاسم فليس بواجب “
والحد الادنى لاسم الخمار هو تغطية الشعرجزئيا فهل من المعقول ان يكون جزء من الشعر عورة وجزء لا ؟
هل اذا كان الشعر عورة سيترك الله المؤمنات لكشف جزء منه وتغطية الجزء ؟
التقطة الثالثة :
ما رايك في اعتراف فضيلة شيخ الازهر الاسبق محمد سيد طنطاوي رحمه الله في مقال له عام ١٩٩٤ في طيات دفاعه عن الحجاب ضد المستشار محمد سعيد عشماوي صاحب كتاب حقيقة الحجاب وحجية الحديث بان الشاهد من الاية ودليل فرضية الحجاب هو عبارة ” الا ما ظهر منها ” وتفسير ابن عباس لها بأنه الوجه والكفين وليس الامر بضرب الخمار على الجيب ؟
وهو اعتراف هام من فضيلته – رغم كونه مناصرا للحجاب – بان القول بفرضية الحجاب مبني على تفسير ابن عباس لعبارة عامة مبهمة وليس للأمر بتغطية الصدر بالخمار !
فمن اين جئت سيادتك بهذا المعنى الذي تقول وأن الشاهد على فرضية الحجاب هو الامر بتغطية الصدر بالخمار ؟
واذا كنت تعتبر الباحث الازهري مصطفى راشد- ساخرا – فلتة فهل شيخ الازهر ايضا ” فلتة ” ؟
ما فاتك سيد فاضل أن الفرض يلزمه الوضوح وثبوت الدلالة ..
والدلات الفقهية كما تعلم – او لا تعلم – ليس منها ما يؤدي مثل هذا الغرض – القطع والوضوح – الا دلالتي المنطوق الصريح :
المطابقة و التضمين
اي ان يقول الله تعالى : غطوا رؤوسكن ( تضمين ) او يقول غطوا شعوركن ( مطابقة )
النقطة الرابعة :
يقول شيخ الاسلام ” ابن تيمية ” : ( لا يعقل واجب بدون وعيد) فهل تأتي لنا سيدي من القرآن الكريم بالآية التي تتوعد حاسرة رأسها وخالعة الحجاب بالويل والثبور ؟ هل لك أن تبين لنا ما الوعيد المرتبط بهذا الواجب الموهوم ؟
ثالثا :
بالفعل لم يعط الازهر الدكتوراة لمصطفى راشد او غيره في بحث عن خلع الحجاب وهو ما اعترف به صاحب الشأن نفسه بل ولم يدع ذلك في يوم من الايام ..
لكني أراك تسخر من باحث مسلم مجتهد لم تقرأ له حرفا واحدا – بدليل انك لا تستطيع تذكر اسمه صحيحا – لمجرد أن نتيجة بحثه خالفت ما تهوى وكأن الاسلام لم يعلمنا ان للمجتهد اجران اذا اصاب واجر اذا اخطأ ..
وكأن القرآن لم ينهنا بمنطوق صريح – كالذي ينبغي ان يكون للوجوب والتحريم – أن نسخر من قوم عسى ان يكونوا خيرا منا !
كنت انتظر منك ان تأت لنا ببحث مماثل لبحث مصطفى راشد او لبحثى المرفق في نهاية تعليقي ، ترد فيه كلمة بكلمة وحرفا بحرف على أدلتنا وحججنا وتفتدها واحدة بعد الاخرى ، لو لم يكن احتراما لاجتهادنا فعلى الاقل حماية للمسلمات من ” الفتنة ” التي تخشى عليهن منها !
رابعا :
وهو ما اضحكني فعلا … تطلب من الفتيات المسلمات ألا يفتن بالمشايخ والدعاة وان ينظرن لهم كبشر يخطيء ويصيب ..
كيف هذا سيدي وانتم تدعون الى التقليد والاتباع !
لو كنت تدعو عوام المسلمين للاجتهاد والنظر في الادلة لا اتباع الاراء وتقليد المشايخ لكان لكلامك معنى عندي
خامسا :
تطلب من المسلمات الا يكن إمّعات فقد لبسن الحجاب مع من لبس وخلعنه مع من ترك كما تقول ،
حسنا ..
فهل قلت لهن ذلك ايضا مع لبسهن للحجاب لماذا لم تقل ذلك الا الآن ؟
اليس في خلعهن للحجاب الآن عودة عن تصرف متسرع بدافع التأثر بالغير لا بدافع الاقتناع والفهم ،، وهدم لما بنى على باطل؟
هل عندما ترى سيادتك فتاة ترتدي الحجاب تأثرا بزميلاتها دون بحث و اجتهاد ودون تفكير تنهاها عن ذلك وتقول لها نفس كلامك الان: ” لا تكوني إمعة يا اختاه “
لا اريد ان اطيل عليك اكثر من ذلك لكني قلت ما اود ان اقول واتركك الآن مع رابط بحثى الذي لود حقيقة ان اسمع ردا موضوعيا اكاديميا عليه منك .. لا سخرية و استهزاء