- م الآخر: من بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني، أصبح الآن الكل يخوّن بعضه بعضاً؛ بل أيضاً عليك أن تشك في نفسك إذا لم تُخوَّن مرتين حتى في الشهر كحد أدني، حتى تطمئن أنك شخص عادي وموجود في الحياة أو في الوطن العربي بمعنى أدق!
منذ عدة أيام، نشرتُ تدوينة لي هنا في موقع "هافينغتون بوست عربي" وكان بعنوان "مسلم مسيحي. الكل فيها ميت"، وإذا لم تر اسمي فأرجو منك أن تصعد إلى فوق قليلاً لترى اسمي مكتوباً أمامك، أو دعني أخبرك به هنا، فاسمي بولا وجيه، بمعنى أدق: مسيحي، أو "كوفتس" مثلما يُقال على المسيحيين في مصر كنوع من الدعابة أو السخرية أو التسليم لها؛ نظراً لأنها تقال منذ زمن، ولكنها تقال على أي مسيحي دون معرفة السبب الحقيقي وراءها، وهذا ليس المهم.
ولكن المهم في الموضوع أني كمسيحي اسمي بولا، وعندما نُشرت تدوينتي وجدت من يقول عني إني إخوان! مثلما أقول لك هكذا عزيزي القارئ، قيل عني إني إخوان! إخوان ومسيحي، على رأي الفنان الراحل سعيد صالح: أذاكر وأنجح! الاثنين!، مسيحي وإخواني؟، الاثنين!.
ولكن، لا أعرف لماذا قيل عني هذا؟!، ولكني أثق تمام الثقة بأن من وصفني بأني إخوان لم يقرأ ولو حرفاً من المقال، ولكن اكتفى فقط بالعنوان ليأخذه كحجة واضحة بينة أمام الكل، كي يصفني بأني إخوان، أو ضد مصلحة البلد، ولا أعرف كيف لشخص أن يكون ضد مصلحة بلده! في كل الأحوال، لا أعرف كيف لشخص أن يحاول أن يكون في أي وقت أو تحت أي ظرف سيكون ضد بلده أو مصلحتها! إلا إذا كان حرفياً، لم يعش في بلده هذا يوماً فقط!
فالشخص مهما وجد معاملة سيئة أو عيشة غير ملائمة له في بلده فلن يكرهها، فهي تظل ذات طابع خاص ومكانة خاصة في قلبه لا يستطيع أحد أن يمسها، سواء هو أو الظروف الموجود فيها أيضاً تستطيع أن تمسها، فالوطن هو الوطن ولا يستطيع أحد أن يزايد على حب أحد لوطنه أو بلده الأم، وخصوصاً لو كان مغترباً؛ لأنه يكون أكثر اشتياقاً إلى بلده ووطنه الذي حُرم منه، سواء بحثاً عن عيشة جديدة، أو فرصة أفضل للعمل، أو بحثاً عن الدراسة مثلي!
ولكن، أريد أن أعرف لماذا يزايد بعضنا على بعض ونظن أننا نحن فقط من يحب البلد أما الآخر فهو خائن، عميل، إخوان، علماني، صاحب أجندة خارجية، مخرب... إلخ، وننسى حقيقة ثابتة رغماً عن أنف الجميع وهي أننا مصريون في النهاية، وفي نهاية المطاف من حقنا أن نعيش معاً في هذا البلد ونتناقش معاً في كل مشاكلها دون تخوين أحد الأطراف للثاني، وأن يظن أحدنا أن الآخر لا يفكر سوى في هدمها! لماذا لا نفكر دائماً في أن كلانا على صواب ولكن بوجهة نظرٍ أخرى، وعليَّ أن أتقبلها مهما كانت مختلفة عن فكرتي حتى يقبل هو الآخر فكرتي!
ولكن في النهاية، لم يسعدني في إحدى المناقشات التي دارت بيني وبين أحد المخوِّنين لي على تويتر عندما قال عني إني إخوان. إنني تذكرت مأساة شادي ألفونس الذي يقدم برنامج "إس إن إل" بالعربي، عندما سأله باسم يوسف في إحدى المرات: أنت مسيحي يلا؟، فأجاب: يا عم أنا مسيحي!